الحياء من الإيمان روائع وقصص
الحياء خلق جميل
وصفة من صفات رب العالمين، ويكفينا أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحياء
بالذكر، فقال: "والحياء شعبة من الإيمان " والحياء كذلك صفة جليلة اتصف
بها أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، كما اتصف بالحياء الملائكة والصحابة
والتابعون، وسوف أحاول في السطور التالية الحديث عن صفة الحياء بشيء من التفصيل
وذلك على النحو التالي:
الحياء صفة من صفات الله عز وجل
حياء الله سبحانه
وتعالى فضل وكرم ومزيد إحسان منه جل وعلى، فلا يليق بجنابه سبحانه أن يطلب منه
طالب أو يسأله سائل إلا أعطاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله حييٌّ يستحيي من عبده إذا مدَّ يديه إليه أن يردَّهما صفْرًا"
الله لا يستحي من الحق
فحياء الله
سبحانه مزيد كرم وليس كحياء البشر، ومعناه أنه سبحانه لا يرد سائلاً، وعلى ذلك فهو
سبحانه لا يستحي من الحق، قال تعالى: " وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ
الْحَقِّ"(سورة الأحزاب جزء الآية/ 53)، فقد نزلت هذه الآية في ثلاثة من
الصحابة جلسوا في بيت النبي- صلى الله عليه وسلم- يوم أن أقام وليمته لزواجه من
السيدة زينب بنت جحش- رضي الله تعالى عنها، فبعد أن تناول الناس الطعام تفرقوا جميعاً
و
بقي ثلاثة منهم في البيت يتحدثون، والنبي صلى الله عليه وسلم يرغب في خروجهم؛
لينفرد بعروسه، ولكن، ولشدة حيائه صلى الله عليه وسلم لم يقل لهم شيئًا، وتركهم
وشأنهم، حتى تولى الله سبحانه بيان ذلك، فأنزل عليه قوله تعالى: { فإذا طعمتم
فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي
من الحق } (الأحزاب:53)، وليست هذه هي الواقعة الوحيدة التي ذكرها القرآن والتي
تصدى الحق تبارك وتعالى فيها للدفاع عن نبيه وتوبيخ المتجاوزين؛ ليدلنا على أن
حياء الله تبارك وتعالى مزيد فضل وكرم وليس كحياء البشر، فمن ذلك ما نزل في شأن
الأعراب الذين قدموا إلى بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وقت القيلولة والذي
يسمى عند العرب بوقت الهاجرة؛ لهجران الناس للشوارع والاحتماء في البيوت من حرارة
الشمس، جاء هؤلاء الأعراب فوجدوا بيت النبي مغلقاً فأخذوا يرفعون أصواتهم وينادون
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسمه مجرداً عن أي تكريم أو احترام، فعنفهم
الحق تبارك وتعالى في قرآن يتلى إلى يوم القيامة تكرمة لنبيه وحبيبه - صلى الله
عليه وسلم -، وفي ذلك يقول الحق جل وعلى: " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ
أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ* وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ
إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(سورة الحجرات
الآية/4/ 5)
حياء الأنبياء
وأنبياء الله عليهم الصلاة والسلام كانوا
على درجة عالية من الحياء، ليس أدل على ذلك من استحيائهم من رب العالمين وعدم
تقدمهم لالشفاعة بين يديه بسبب أفعال لو صدرت عن أحد منا لكانت في حقه حسنة لكن
حسنات الأبرار سيئات المقربين
حديث الشفاعة
أخرج
مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ - وَقَالَ
ابْنُ عُبَيْدٍ: فَيُلْهَمُونَ لِذَلِكَ - فَيَقُولُونَ: لَوْ اسْتَشْفَعْنَا
عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، قَالَ: فَيَأْتُونَ
آدَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ، أَبُو
الْخَلْقِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ
الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا
مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ
الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ
رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ "، قَالَ: " فَيَأْتُونَ نُوحًا صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي
أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَ
إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ،
وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ
ائْتُوا مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ
وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، قَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ،
فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ،
فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رُوحَ اللهِ
وَكَلِمَتَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى رُوحَ اللهِ وَكَلِمَتَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ
هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا
قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ "، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَيَأْتُونِي
فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، فَإِذَا أَنَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ
سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ
رَأْسَكَ، قُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي،
فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ رَبِّي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ
لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ
أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ
يُقَالُ: ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ، قُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ
تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ،
ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجَهُمْ مِنَ النَّارِ
وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ " - قَالَ: فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوْ
فِي الرَّابِعَةِ - قَالَ " فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ
إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ، أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ ". قَالَ
ابْنُ عُبَيْدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ قَتَادَةُ: «أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ
الْخُلُودُ».،،
التعقيب على ما ورد في صحيح مسلم
هذا الحديث دليل
واضح على شرف النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم وعظم مكانته وفضله على جميع
الأنبياء، فعلى الرغم من كون جميع الأنبياء معصومين من الوقوع في الكبائر والصغائر
إلا أنهم قد تصدر عنهم أشياء خلاف الأولى، بمعنى أنها لا تليق بجنابهم، وعلى الرغم
من أنها ليست أخطاء ولا عقاب فيها إلا أن الله عصم نبيه صلى الله عليه وسلم من
الوقوع في شيء منها، وعليه فلا يستحي صلى الله عليه وسلم من دعاء ربه في أي وقت
بسبب فعل أو قول بل هو متصل بربه ومولاه في كل وقت وحين، وفي ذلك فوز وسعادة لبني
آدم أجمعين، وفي الحديث دليل على حياء الأنبياء حتى أنهم لا يسألون ربهم حياءً منه
وتأدباً في حضرته سبحانه وتعالى
حياء آدم وحواء عليهما السلام
ويذكر لنا القرآن الكريم جانباً من حياء أبي البشر آدم وأم البشر حواء عليهما السلام، وذلك عندما
أدخلهما ربهما الجنة، وأحل لهم كل ما فيها، إلا شجرة واحدة نهاهما عن الأكل منها،
فوسوس لهما الشيطان ليوقعهما في المعصية ، فلما أكلا من الشجرة تساقط عنهما رداء
الجنة فانكشفت عورتهما، عندها دفعهما الحياء إلى أن يقبلا على أشجار الجنة ولكن لا
ليأكلوا من ثمارها بل ليقطعا ما استطاعا من ورقها ليسترا عورتهما، وقد صور لنا
القرآن الكريم هذا المشهد تصويراً بديعاً، حيث يقول تعالى: "وَيَاآدَمُ
اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا
تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا
الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ
مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا
مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا
لَمِنَ النَّاصِحِينَ *فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ
بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ
الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا
الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ "
(سورة الأعراف الآية/ 19/ 22)
ستر العورة
ولنتأمل قوله
تعالى " فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا
مِنْ سَوْآتِهِمَا" فيه دليل على أن الشيطان كان يعلم أن أهم شيء لدين
الإنسان وعفته هو ستر العورة، فكان يعمل بكل ما أوتي من قوة على انكشاف ذلك الستر
الإلاهي عنهما حتى أنه استخدم أشد سلاحين على النفوس، السلاح الأول: رغبة الإنسان
دائماً في التحول عن حاله ونظره إلى ما أعطاه الله لغيره، فعلى الرغم من أن الله
تبارك وتعالى أعطا آدم عليه السلام ما لم يعطي مثله للملائكة، إلا أنه من داخله
كان يرى الملائكة في نعمة يتمنا مثلها، السلاح الثاني: كراهية الموت وحب الخلود،
حتى ولو كان الإنسان مطمئناً إلى ما بعد الموت؛ لكونه من الأنبياء،، وفي هذا نداء
إلى كل متبرجة وإلى الكاسيات العاريات، لا تستسلمي للشيطان فتجعليه ينتصر عليك
وتخسرين معركتك أمامه دون مقاومة
حياء موسى عليه السلام
ويحكي لنا القرآن الكريم جانبا مشرقاً من حياء موسى عليه السلام؛ حتى يكون لنا قدوة ومثل، والذي
يستحق الوقوف عنده في قصة نبي الله موسى عليه السلام أنه كان شديد الحياء في وسط
قوم ليس عندهم حياء، لنتعلم أن نفعل الحسن ونتجنب القبح حتى ولو كان الناس على
خلاف ذلك، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا
وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا "(سورة الأحزاب الآية/69) فقد ورد في تفسير
تلك الآية أن موسى عليه السلام كان رجلاً شديد الحياء، وكان لا يغتسل أمام الناس،
وكان بنو إسرائيل يغتسلون عراة، فتطاولوا عليه فقالوا: إنه لا يحتجب عنا إلا لأن
بجسده ما يخشا من أن نطلع عليه، وقد انتشرت تلك الفرية، وفي يوم من الأيام كان
موسى عليه السلام يغتسل وقد وضع ثوبه تحت حجر ،فجاءت الريح فحملت ذلك الحجر، فلما
فرغ موسى عليه السلام من غسله خرج يطلب ثوبه فلم يجده، فجعل يجري خلف الثوب ويقول:
ثوبي يا حجر، حتى خرج ورأى بنو إسرائيل وعرفوا أنهم كانوا خاطئين، بل وجدوه في
أحسن حال، وأقبل موسى عليه السلام على الحجر يضربه بعصاته حتى أحدث أثراً بالحجر
من شدة الضرب، وكأني بموسى عليه السلام من شدة الخجل حاول أن يستر ذلك بضرب الحجر
رغم علمه بأن ضرب الحجر لن ينفعه بشيء فهو جماد أصم لا فعل له.
حياء يوسف عليه السلام
وهذا نبي الله
يوسف عليه السلام يستحي من خالقه وممن رباه ومن المجتمع الذي يعيش فيه، ويحكي لنا
القرآن الكريم جانباً من حيائه صلى الله عليه وسلم حيث يقول تعالى: "
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ
وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ
إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ "(سورة يوسف الآية/ 23 )وتخيل معي شاباً
شديد الجمال في ريعان شبابه وعنفوان قوته، ترغبه أجمل نساء الدنيا وفي نفس الوقت
امرأة ذات حسب ونسب وعز وجاه وسلطان لدرجة أنها تستطيع أن تؤمن نفسها ومن تهوى إذا
انكشف سرهما وافتضح أمرهما، وفوق كل ذلك تهدده على الأقل بالطرد من البيت الذي
يعيش فيه، ومع ذلك يستحي ويراعي كل الحقوق، وتأمل معي " قَالَ مَعَاذَ
اللَّهِ " فيها مراعاة لحق الله الذي خلق العالمين وحرم عليهم الزنى فلا يليق
بالعباد أن يخالفوا أمر مولاهم وخالقهم جل وعلى، وأما قوله تعالى:" "إِنَّهُ
رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ " ففيه مراعاة لحق صاحب البيت الذي آواه في بيته
وقربه منه وأتمنه على عرضه فلا يليق بإنسان لديه حياء أن يغدر بمن فعل معه ذلك،
وأما قوله تعالى: "إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ" ففيه مراعاة لحق
المجتمع الذي يعيش فيه وله عليه الكثير من الحقوق، وجريمة الزنى من أقبح الجرائم
وأشدها خطورة على المجتمع، فالمجتمع الذي ينتشر فيه الزنى يسوده الانحلال والفساد
الأخلاقي والذي يؤدي بدوره إلى انعدام الأمن واختلال النظام
حياء النبي صلى الله عليه وسلم
وأما خاتم الأنبياء صلوات ربي وتسليماته عليه فقد كان أشد الناس حياءً حتى أن أبا سعيد
الخدري رضي الله تعالى عنه يصف حياء النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: كان النبي
صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها
حياء النبي من ربه
كان النبي صلى
الله عليه وسلم يستحي من ربه، ومن حيائه من ربه وتأدبه في حضرته سبحانه ما حدث
ليلة الإسراء والمعراج عندما فرض الله الصلاة على أمته خمسين صلاة في اليوم
والليلة، ولقي صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام بعد لقاء رب العالمين، فقال
لهو موسى عليه السلام: ارجع إلى ربك فسله التخفيف، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم
إلى ربه مراراً حتى استحي الحبيب صلى الله عليه وسلم من طلب التخفيف من رب
العالمين، فعل النبي هذا من أجل أمته، أما هو صلى الله عليه وسلم فقد فرض عليه
قيام الليل، ومع ذلك لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم سأل ربه التخفيف، بل على
العكس كان يقول: جعلت قرة عيني في الصلاة
الحياء والكمال في شخص النبي صلى الله عليه وسلم
كمل الله سبحانه
وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالخلق والحياء والهيبة والجلال، ومن ذلك أن النبي
صلى الله عليه وسلم لم ينظر إلى عورة أحد من الناس قط، حتى ولو كانت زوجته، وكذلك
لم يرى أحد عورته قط ولا حتى إحدى زوجاته، وفي ذلك تقول أم المؤمنين السيدة عائشة
بنت الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنهما: ما رأيت منه ولا رأى مني، وتأمل لم تقل:
ما رأيت عورته، تأدبا وحياً عند الحديث عن زوجها ونبيها خير الخلق صلى الله عليه وسلم،
وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يعظ النساء ولكن دون أن يخرج عن حد الأدب والحياء
ولم يتكلم بكلمة واحدة تجرح شعور أحد من الناس، فمن ذلك عندما جاءت امرأة تسأل عن
غسلها من المحيض فقال صلى الله عليه وسلم: خذي فرصة من مسك فتطهري بها، قالت: كيف
أتطهر، فقال صلى الله عليه وسلم: سبحان الله تطهري، تقول أم المؤمنين أم سلمة رضي
الله تعالى عنها: فاجتذبتها وقلت: تتبعي بها أثر الدم. وكان صلى الله عليه وسلم
إذا اغتسل اغتسل بعيداً عن أعين الناس، ومن حيائه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا
يرد سائلاً، وكان يجوع ليشبع الجوعى من أمته
حياء الصحابة
وقد تعلم أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم منه الحياء، فكانوا لا يكثرون من السؤال وكانوا لا
يرفعون أصواتهم ولا يحدقون أبصارهم عند النظر إليه صلى الله عليه وسلم
حياء الملائكة
وقد أثبت الله تبارك وتعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم الحياء للملائكة، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة تستحي من عثمان ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة
الخاتمة
وفي الختام أتمنا أيها القارئ العزيز أن أكون قد أضفت إلى معلوماتك شيءً جديداً أو على الأقل ذكرتك بشيء تعرفه فالدال على الخير كفاعله ولأجل هذا من فضلك لا تبخل على نفسك بمشاركة المقال حتى يحصل الجميع على الأجر، وقد أوجزت على وعد بالتفصيل في مقالات متفرقة عن كل جزء من هذا المقال إن شاء الله، والله تعالى أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قصص إسلامية لها العجب
Tags:( Related searches on google )
من فضلك اترك تعليقك هنا